الفكرالإسلامي
الأمـــــة
الإسلاميــــة
بين
هزل الأدعياء
وجِدِّ
الأعداء
بقلم:
الأستاذ محمد
ساجد القاسمي(*)
يشهد هذا
العصرأناسًا
كثيرين في
صفوف الأمة الإسلامية،
يُعتبرون في
طليعتها،
ويسيرون في
مقدِّمة
جيشها،
ويحتلُّون
مكان صدارتها.
لقد
حسبتهم الأمة
لها زعماء
يتزعمونها في
المعارك،
وقادة يأخذون
بأزمَّتها
إلى غايتها
المنشودة،
وحكماء
ومفكرين
يحلُّون
قضاياها ومشكلاتها،
وربَابِنة
يُجَدِّفون
سفينتها في بحر
الحياة
المتلاطم.
وثقت
بهم الأمة
كلَّ الثقة،
واطمأنَّت
إليهم كلَّ
الاطمئنان،
حتى أسلمت
إليهم
قِيادَها
يذهبون بها
حيث يشاؤون،
لاتعصي لهم
أمرًا؛
وملّكتهم في
أموالها
وثرواتها يُنفقونها
كيفما
يريدون،لا
تحاسبهم على
شيء حسابًا
يسيرًا.
أما
هؤلاء فقد
تعاموا عن
قضايا الأمة
المصيرية،
ومشكلاتها
الهامة،
وتغافلوا عن
مصالحها
ومهمات
أمورها،
وعُنوا
بالمظاهر الجوفاء،
واهتموا
بالرياء
والدعاية،
واقتاتوا
الثناء
والإطراء
والمبالغة،
وتغذَّوا بالجاه
والمركز
والسمعة
الكاذبة.
وهم
يفعلون
الأفاعيل،
ويأتون
بالأعاجيب، ويتحيَّنُون
الفُرص،
ويستغلُّون
المناسبات
إشباعًا
لغريزتهم،
وتحقيقًا
لرغباتهم وأهوائهم،
وكسبًا
لمصالحهم المادِّية،
واحتفاظًا
بجاههم
ومركزهم في
المجتمع.
فمنهم
من يُنشؤون
المنظَّمات
والجمعيات والمؤسَّسات
مطبِّلين
أنهم يحُلّون
مشكلات الأمة،
ويدعمون
قضاياها،
ويعملون على
أمنها واستقرارها،
ويُؤمِّنون
على رفاهيتها
وثرائها،
ويضمنون لها
رُقيَّها
وتقدُّمها،
ويقضون على تخلُّفها
وانحطاطها.
ومنهم
من يعقدون
المؤتمرات
والندوات
والاجتماعات
لقضايا
ومشكلات ليست
بذات بال،
مُدَّعين
أنها أصعب
القضايا،
وكبرى
المشكلات، وأعظم
المسائل،
وأنها
لوحلَّت
لتبدَّل مصير الأمة،
وأشرق
مستقبلها.
يجمعون
لإنشاء
المنظمات
وعقد
المؤتمرات الملايين
الملايين من
الدولارات أو
الريالات أو
الروبيات.
وليس همُّهم
من وراء ذلك
حلَّ قضايا
الأمة
ومشكلاتها،
وإنما همُّهم
إبراز ذواتهم
وشخصياتهم
وخدمة
مصالحهم
ومطامعهم.
ومنهم
من يُقَيمون
المجامع
والأكاديميات
والمؤسسات
العلمية
متظاهرين
بخدمة العلم،
ونشر التراث،
وتحقيق
المخطوطات،
فيستأجرون
أقلام الكتاب
ويراعة
المؤلفين،
ويكترون
أصحاب الألسن
واللغات،
فينسبون إلى
أنفسهم ما كتب
هؤلاء أو
ألَّفوا أو
ترجموا، فإذا
هم مؤلفو كتب،
وواضعو موسوعات،
ومُدَوِّنو
دوائر معارف،
يتِمُّ تدشينها
في
الاجتماعات
والاحتفالات.
فتنشر الصحف
والمجلات
أخبارها
وتقاريرعنها
في أنحاء
العالم.
والواقع
أن الواحد
منهم لم
يخُطَّ بيمنه
قط مقالاً،
ولا مسَّ
مخطوطًا،
ولاألف
كُتيِّبًا.
كما أنه
لايُتقن لغته
الأمّ، ولا
يستطيع أن
يكتب بها، بله
إتقانَ
اللغات
الأجنبية
والكتابة بها.
وهؤلاء
يحصدون ما
زرعه غيرهم،
ويُحرزون ما
تعب له سواهم
«وَيُحِبُّونَ
أَنْ يُحْمَدُوا
بِمَا لَمْ
يَفْعَلُوا»
(آل عمران/188).
ومنهم
من يتربصون أن
تدهى طوائفَ
الأمة الإسلامية
داهية، أو
ينزل بساحتها
خطب، أو تُصاب
باضطراب، أو
فيضان، أو
زلزال،
ليعلنوا لها عن
النجدة
والإغاثة،
ويتخدوا هذه
الخطوب والكوارث
وسيلة ناجعة
لجمع
التبرعات
والمساعدات
في جميع
البلاد بل في
جميع العالم،
يتظاهرون
أنهم يُنجدون
المنكوبين
والمصابين
ويُغيثهم،
بينماهم
يُغيثون
أنفسهم،
ويملؤون بطونهم
التي لا
يملؤها إلا
التراب.
هكذا
يفعلون من
غرائب
الأفعال
وأعاجيب التصرفات
ما لايُحصيه البيان.
هذا
وأعداء الأمة
الإسلامية
لايزالون
ينسجون
ضدَّها
المؤمرات،
ويكيدون
المكائد، ويعملون
في صمت ليلَ
نهارَ،
ويؤثرون الجد
على الهزل،
والحقيقة على
الظاهر،
والعمل على
الدعاية.
فيا
لجد أعداء
الأمة
ويالهزل
أدعيائها!
رغم
ذلك لم تفقد
الأمة أبناء
بارين وقادة
مخلصين
يتألمون لها،
ويرثون
لحالها،
ويأخذون
بسفينتها إلى
ساحل السلام.
فلتوقظ
الأمة وعيها،
وتستعمل
فطنتها وذكاوتها،
حتى تعرف
المخلص من
الدعي،
والبار من العاصي،
والصديق من
العدو، وحتى
لا تثق بكل
زيد وعمر،
ولاتُمكِّن
من أزمَّتها
كل بكر وبشر.
وليعلب
الكتَّاب
الأمناء
والدعاة
المخلصون
دورهم،
فيكشفوا سوءآت
الأدعياء
والمنافقين
والنفعيين في
صفوف الأمة،
لتكون هي في
مأمن من مكرهم
ودجلهم
ونفعيتهم.
* * *
بيان
الملكية
اسم
المطبوعـة : الـداعـي
الدورة
النشرية : شهريـة
الطابع
والناشر : (مولانا)
أبوالقاسم
النعماني
الجنسيـــة : هنــدي
العنـــوان : دارالعلوم
، ديوبند ،
يوبي
رئيس
التحرير : نور
عالم خليل
الأميني
مالك
المطبوعة : دارالعلوم
ديوبند
أصادق على أن
التفاصيل
المـذكـورة
أعلاه صحيحـة
حسب علمي
واطلاعي (
توقيع )
(مولانا)
أبوالقاسم
النعماني
(*) أستاذ
بالجامعة
الإسلامية
دارالعلوم
ديوبند
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
جمادى الأولى
1435 هـ = مارس 2014م ، العدد
: 5 ، السنة : 38